Success stories of Palestinian achievers from all over the world
رمزي أبو رضوان .. شخصية العام الثقافية 2017

رمزي أبو رضوان .. شخصية العام الثقافية 2017

14-Mar-2017

أعلنت وزارة الثقافة الفنان رمزي أبو رضوان، مؤسس جمعية الكمنجاتي وما انبثق عنها من أوركسترا وفرق شرقية وغربية متعددة، شخصية العام الثقافية 2017، وهو الذي اشتهر كواحد من أطفال الحجارة في انتفاضة العام 1987، التي يطلق عليها "الانتفاضة الأولى"، بعد صور له التقطتها عدسة وكالة أنباء عالمية، وأخرى لمصور مكسيكي كانت أيقونة لهذا الطفل الذي حملت يده الحجارة، وباتت تحمل الكمان، وتؤسس لأيد تقاوم الاحتلال بالثقافة، وتحديداً الموسيقى.

ويأتي اختيار "أبو رضوان" بمرور ثلاثين عاماً على الانتفاضة، التي كان لها حضورها في حفل إطلاق فعاليات يوم الثقافة الوطنية تحت شعار "الثقافة مقاومة"، وذلك في ذكرى ميلاد الشاعر الكبير محمود درويش في الثالث عشر من آذار، حيث قدم الفنان نائل البرغوثي أحد أبرز المغنين في الانتفاضة ذاتها وصلة من أغنياته، في حين كان الكثير من تفاصيلها حاضرة في الفيلم الذي أخرجه أحمد البرغوثي من إنتاج وزارة الثقافة عن شخصية العام "الكمنجاتي" رمزي.

وقال د. إيهاب بسيسو، وزير الثقافة، خلال إعلانه "أبو رضوان" شخصية العام الثقافية: قلنا إنها الانتفاضة .. قلنا إنها إرادة شعبنا في مواجهة الاحتلال.. قلنا إنها الملهم الذي منها نستمد العزيمة والإرادة.. قلنا إنها الانتفاضة، الرمز الذي تجسد من حجر بيد أطفال يرفعون قاماتهم في وجه المحتل بالطرقات والأزقة في القرى والمدن والمخيمات.. قلنا إنها الانتفاضة: الأغنية، والشعر، والأهزوجة، والإيقاع.. قلنا إنها الانتفاضة كانون الأول 1987، حين انفجر الغضب الفلسطيني في وجه الاحتلال الإسرائيلي، ليعلن ميلاد زمن جديد .. ميلاد زمن أطفال الحجارة.

وأضاف: قلنا إنها الانتفاضة التي رسمت ملامح ثقافة المقاومة، إنها الإرادة التي لم تكسرها الريح، ولم تكسرها سياسة الاحتلال الإسرائيلي في تحطيم أذرع الشبان والصبايا.. وكل هذه الأسباب، وغيرها، وما زلنا نرددها ونعلن أن شخصية العام الثقافية للعام 2017 هي الانتفاضة الفلسطينية ممثلة بالفنان الفلسطيني، الطفل الذي حمل حجراً في الانتفاضة الأولى ثم كماناً، ليصبح رمزي أبو رضوان، مؤسس "الكمنجاتي".

وخرج أبو رضوان فور إعلانه شخصية العام الثقافية، ملفحاً بالكوفية، ويعزف على كمنجته موسيقى نشيد "موطني" الشهير للشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان.

ورمزي أبو رضوان من مواليد مدينة بيت لحم في العام 1979، لأبوين من بلدة النعاني المهجرة قضاء الرملة في مناطق 1948، وعاش وكبر في مخيم الأمعري للاجئين بمحافظة رام الله والبيرة.

وأبو رضوان حاصل على دبلوم الدراسات الموسيقية من المعهد الوطني الإقليمي للموسيقى في فرنسا، ودبلوم دراسات في النظرية الموسيقية، وتعليم البيانو والأوركسترا، وهو مؤسس ورئيس ومدرس موسيقى (فيولا، بزق، ونظرية الموسيقى والمقامات) في جمعية الكمنجاتي، وفي معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى، كما أنه مؤسس ورئيس للعديد من الفرق الموسيقية، منها: الفرقة القومية للموسيقى العربية، وفرقة دلعونا للموسيقى الشرقية والجاز.

وهو أيضاً، مؤسس ومدير فني ومنظم لأكثر من 20 مهرجاناً في فلسطين، منها مهرجان الباروك الموسيقي، ومهرجان أيام الموسيقى، ومهرجان رحلة موسيقية للموسيقى الروحية التقليدية.

وأنشأ رمزي أبو رضوان مدارس موسيقى لأطفال فلسطين، خاصة أطفال مخيمات اللاجئين والقرى والمناطق المهمشة، وهو عضو مجلس إدارة شبكة الفنون الأدائية الفلسطينية، ومؤسسة موسيقى في حقوق الإنسان، كما أنه حاصل على العديد من الجوائز، منها جائزة مشروع الصوتية إيندي العام 2012 عن أسطوانة "انعكاس فلسطين"، فيما أعد مخرج نرويجي عملاً مسرحياً عن سيرة حياته قبل أعوام، بمشاركة فنانين أوروبيين وأميركيين وعرب، من بينهم فلسطينيون.

وكان بسيسو أشار إلى أن هذا العام يحمل الكثير من الدلالات السياسية، وهو ما يتطلب جهداً وطنياً مميزاً لجهة تعزيز حضور الذاكرة في الحاضر، من أجل مواجهة محاولات نفي الذاكرة، ومحاصرة الوعي الفلسطيني، فالعام 2017 يتزامن مع مرور مائة عام على وعد بلفور المشؤوم في العام 1917، وخمسين عاماً على حرب حزيران في العام 1967 التي أدت إلى احتلال الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وثلاثين عاماً على الانتفاضة الأولى في العام 1987، والتي جسدت بامتياز مفهوم المقاومة الشعبية، حيث جسد الحجر صورة النضال الشعبي الفلسطيني في مواجهة آلة القمع والاضطهاد الاستعماري، وأكد الكتاب حضوره في مواجهة سياسات التجهيل وإغلاق المدارس من خلال التعليم الشعبي، ودور المثقف في تعزيز الهوية الوطنية، حيث يناضل المجتمع من أجل غد الحرية.

وقال بسيسو: إن فعاليات يوم الثقافة الوطنية تعكس رؤية وزارة الثقافة في تكريس ملامح الإبداع الفلسطيني وطنياً، وجعل الثقافة عاملاً أساساً من عوامل التحرر من الاستعمار، وذلك من خلال رسالة الإبداع الفلسطيني في مختلف مجالات الفعل الثقافي، خاصة حين تتم المزاوجة بين يوم الثقافة الوطنية، وبين ذكرى يوم الأرض الخالد في الثلاثين من آذار من كل عام، مروراً بيوم القراءة الوطنية في السادس عشر من آذار، اليوم الذي أطلقته وزارة الثقافة في العام 2016 تكريساً لمبادرة أطول سلسلة قراءة حول أسوار القدس في العام 2014، وكان من بين مطلقيها شهداء.. كذلك تجسد فعاليات يوم الثقافة الوطنية مناسبة لتأكيد أهمية دور فلسطين الثقافي في التفاعل مع الثقافات العالمية، ومن خلال تفعيل مناسبات ثقافية دولية وطنياً، كاليوم العالمي للشعر في الحادي والعشرين من آذار، وتخليداً لذكرى معركة الكرامة في ذات اليوم، والاحتفاء بالأم الفلسطينية، مع التأكيد على اليوم العالمي للمرأة، والاحتفاء به في سياق فعاليات يوم الثقافة الوطنية، الذي يحتفي به في السابع والعشرين من آذار بيوم المسرح العالمي.

وختم بسيسو: في يوم الثقافة الوطنية، نؤكد إيماننا بقدرة الثقافة على التغيير رغم كل التحديات والمعيقات والعراقيل، وقدرة الثقافة على صون الأمل، وتحفيز الإدارة الوطنية، انطلاقاً من أهمية الوعي بضرورة أن تستمر "الثقافة مقاومة".

وانتظم الحفل تحت رعاية رئيس الوزراء د. رامي الحمد الله، ومثله د. زياد أبو عمرو نائب رئيس الوزراء، الذي شدد على دعم الحكومة لجهود وزارة الثقافة في إنجاح فعاليات يوم الثقافية الوطنية، لإدراكها أهمية الثقافة كفعل يساهم في الحفاظ على الهوية الوطنية، في حين شدد المهندس موسى حديد، رئيس بلدية رام الله، في كلمته بالمسرح البلدي، على أهمية الثقافة كفعل وطني بامتياز، وما يمكن أن تؤسس له بما يدعم صمود الشعب الفلسطيني ونضالاته.

واشتمل الحفل على العديد من الفقرات الفنية، منها وصلة لأغنيات الانتفاضة قدمها الفنان ثائر البرغوثي وقدم فيها فقرة من أغنيات الانتفاضة الأولى، وفقرة للفنان التشكيلي محمد الديري، وفقرات لعدة فرق موسيقية تتبع مؤسسة الكمنجاتي.

وبالعودة إلى أبو رضوان، فإنه لا يمكن تجاهل أسطواناته المتعددة، ومنها أسطوانته الفارقة "لو أن"، الصادرة في العام 2008، فقد استطاع الفنان الفلسطيني عبر مقطوعات هذه الأسطوانة أن يطوع آلة البزق ليرصد في قرابة عشر مقطوعات موسيقية، حكاية الشعب الفلسطيني.

ويرصد أبو رضوان في موسيقاه مأساة الشعب الفلسطيني منذ نكبة العام 1948، وما رافقها من تهجير، وقتل، وتشريد، وتدمير، مروراً بأكثر من انتفاضة، وأكثر من ثورة، أو محاولة ثورة، إلى أن ينتهي إلى هذه الأيام، مع أكثر من 600 حاجز عسكري إسرائيلي يقطع الضفة وجدار إسمنتي عنصري يتلوى كأفعى، يقوض حلم الدولة والسلام الحقيقي.

استطاع أبو رضوان، في أسطوانته "لو أن"، وحمل غلافها ذات الصورة الشهيرة له وهو طفل، تأكيد أن الحجر ليس وحده القادر على نقل عدالة القضية الفلسطينية إلى العالم.

في صورته الشهيرة في العام 1987، حين كان طفلاً، وقف رمزي بيديه الهزيلتين أمام رتل من الدبابات والسيارات العسكرية الإسرائيلية بحجر أصغر من أن يشكل أي خطر بإحداث خدش في جبين أحد المدججين بالأسلحة الفتاكة، لكن أصدقاء له سقطوا شهداء، وآخرين يعانون إلى اليوم من إعاقات وإصابات متعددة بفعل رصاصات الاحتلال.

كان هو من بين الناجين، وكانت اليدان الهزيلتان قادرتين على تأكيد أن هناك ما هو أشد خطراً على قوات الاحتلال من حجر، أو مسدس، أو رشاش، أو "آر.بي.جيه"... إنها الموسيقى!

وتبدو موسيقى "أبو رضوان" بالعموم بمثابة موسيقية تصويرية ترافق مسلسل التغريبة الفلسطينية المتواصلة، وكأنه يبكي على شعب لا يجد ما يفعله أمام المآسي المتكررة منذ عقود، إلا البكاء بعد أن يجف الدعاء.

ينقلنا رمزي عبر موسيقاه، وفي أسطوانته المتعددة إلى عالم آخر تغمره في بعض تجلياته "بهجة" من نوع خاص، وكأنها الصدفة التي جمعته بالموسيقى أصلاً، حين التقى بتلك السيدة التي كان يبيعها الجريدة وهو طفل متجول في شوارع رام الله، ووفرت له منحة إلى فرنسا غيّرت حياته، فبات موسيقياً يخرج من بين مكونات الآلات الكثير من الحنين، والحب، والمرح الممزوج بأسى على أيام خلت.

في موسيقاه معان من نوع لم يأت لشعب لا يزال يرزح تحت احتلال وحشي، ويحلم بيوم التحرير، حيث الموسيقى الفرحة، المفعمة بمستقبل تكون فيه فلسطين أحلى؛ موسيقى تبدو وكأن الشبان والفتيات يتراقصون جماعات وفرادى على نغماتها، هنا وهناك، في الساحات العامة، حيث الاحتفال بالتحرير، وإلى أن يأتي ذلك الوقت يبقى الرجاء، بشيء من الألم والأمل، وهو ما يعكسه رمزي في مقطوعاته، هو الذي يقر أن ألحانه مزيج من ثقافتين مختلفتين عاش وتطور فيهما، هما: فلسطين التي ترعرع فيها، وفرنسا التي تعلم فيها واستكشف الموسيقى بشكل مختلف.

وفي رسالة "الكمنجاتي" الشخص والمؤسسة ملهم لشباب فلسطين وأطفالها، فالاحتلال يخشى من اللحن كما الحجر في الكثير من الأحيان. 

المصدر